النصّ الكامل لكلمة الإمام الخامنئي خلال لقاء منظّمي المؤتمر الوطني الثاني للشهداء الرياضيين
بسم الله الرحمن الرحيم،[1]
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين، [ولا] سيّما بقية الله في الأرضين.
تقديم الشكر إلى منظمي المؤتمر وصانعي «المستطيل الأحمر»
يا أعزاءنا، أهلاً وسهلاً بكم وقد جئتم بأخبار طيبة عبر هذه التقارير التي قُدّمَت. شكراً جزيلاً لكم على تأسيس هذا المؤتمر الكبير والهادف، ونأمل أن تقع جهودكم والنيّات الصادقة التي يشاهدها المرء في هذا الجمع في عناية الله وتأييد بقية الله (عج)، إن شاء الله. أشكر أيضاً هؤلاء الإخوة الأعزاء الذين قدّموا إلينا ميدالياتهم. كنت أنوي في هذه الكلمة أن أقدّم الشكر إلى صانعي فيلم «المستطيل الأحمر»[2] –لم أشاهد الفيلم لكنني سمعت عنه - والحمد لله أنهم حاضرون هنا الآن. يجب إنجاز هذا العمل، فهو من الإنتاج والتعبير الفني عن هذه الحقائق التي قلتموها، وهذه أمور مهمة جداً، ولذلك يجب إنجازها. لقد قام هذان السيّدان على هذا العمل، وسمعت أنه صُنعت أعمال في التلفزيون أيضاً حول عدد من الأبطال الشهداء. على أي حال هذا العمل مهم وتجب متابعته.
الرياضة قضية في الصلب لا في الهامش
اليوم أودّ أن أتحدث عن موضوعين: كلام على الشهداء والشهادة وهذه القافلة المجيدة للشهداء الرياضيين الأعزاء، وكلام على أصل الرياضة. قضية الرياضة قضية لا ينبغي جعلها في الهامش. لا بد من التركيز عليها بوصفها صُلباً، وسوف أتحدث الآن ببضع جمل.
تصريح «القرآن» بأن الشهداء أحياء
بشأن الشهداء، جاء في موضعين من القرآن أن الشهداء ليسوا أمواتاً بل أحياء، وهذا كلام صريح. أحدهما في سورة البقرة: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ} (154). أوضح وأجلى من هذا! والآخر في سورة آل عمران [حيث] صرّح أيضاً: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ} (169). وأمّا كيف تكون الحياة، حياة الشهداء، فهذا بحث آخر. يقيناً هي مختلفة عن حياتنا المادية وعن الحياة البرزخية، إذ إن كثيرين آخرين أيضاً أرواحهم في البرزخ فعالة وحيّة بمعنى ما، وهي ليست هذه أيضاً. إنها شيء ثالث. على أي حال هي حقيقة مهمة صرّح بها القرآن.
بشارة الشهداء لنا: زوال الخوف والحزن خلال الجهاد في سبيل الله
حسناً، هذا البقاء حياً له مستلزمات، أحدها التأثير. إذن، الشهداء مؤثّرون، فلأنهم أحياء هم يؤثرون في بيئة الحياة للأحياء. إنهم يؤثرون فينا ويعملون علينا. هذا مذكور أيضاً في الآية الشريفة، فـ[الشطر] المكمّل لهذه الآية الشريفة من سورة آل عمران: {وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (170). الآن في {أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ} [إذا] أعدنا هذا الضمير، {عليهم}، إليهم أو إلينا نحن في هذه الدنيا، فلن يختلف الأمر؛ النتيجة أنهم يقولون لنا إن طريق الجهاد في سبيل الله قد يتخلله صعوبات ما - بالطبع فيه صعوبات - لكن له عاقبة جيدة جداً. ففي ختام هذا الطريق ونهايته لا خوف ولا حزن. هذا مهم جداً. حسناً، الإنسان يتحمّل مشكلة ما لكن في نهاية هذا الطريق الذي تمشونه {أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}؛ لا خوف ولا حزن، وهذان العاملان هما اللذان يؤذيان الإنسان. هذا كلام صريح لـ القرآن معنا. في الحقيقة إن هذا العدد الكبير من الشهداء يمنح الطمأنينة لقلوبنا. ذلك المجتمع المؤمن الذي يريد أن يخطو في طريق الله ويعمل وفقاً لمرضاة الله يطمئن قلبه برسالة الشهداء هذه – رسولُها هو الله نفسه - ويدرك أن من الممكن التحرك والمضي قُدماً في هذا الطريق بأمل. حسناً، طمأنة القلب تمنحنا الحركة أيضاً وتمنحنا السعي، وقد ذكرتم الآن بعض النماذج، وربما أذكرُ إشارة أيضاً وسط حديثي، إن شاء الله.
جاذبية طلب الشهادة والشوق إليها في عهد النظام الإسلامي
في عهد النظام الإسلامي، كان التوجه العام للبلاد على نحو اكتسب معه الجهاد والشهادة في سبيل الله جاذبيةً. لم يكن الأمر كذلك في السابق. نحن أدركنا مرحلة ما قبل انتصار الثورة بصورة كاملة، فنصف عمري انقضى في تلك الأزمنة، وطبعاً ساعدنا الله في ذلك الزمان أيضاً، فكنا نسير في هذا الطريق، لكن هذه الجاذبية للجهاد وللشهادة في سبيل الله، الموجودة في عهد النظام الإسلامي، لم تكن في ذلك الوقت. هذه الجاذبية تجعل الفئات والطبقات الاجتماعية كافة تتشوق للجهاد، فيذهب الذين يتمتعون بالموهبة والاستعداد الروحي إلى ميادين الجهاد، ومن جملتهم الشهداء والمجاهدون الرياضيون.
التأثير المهم لفئة الرياضيين في المجتمع
فئة الرياضيين فئة مؤثرة. الرياضي مؤثر. تختلف شخصيته وحركته وفعله في المجتمع عن شخص عادي، خاصة الرياضي الذي يكتسب حضوراً وبروزاً. إنه يؤثر في مجموعة ما. الآن، إذا وَجد هذا الرياضي رغبة في الجهاد وسار على طريقه، فانظروا ما الآثار المهمة التي يمكن أن يحدثها في المجتمع، وما الحركة التي يمكن أن يُنشئها! لحسن الحظ، نشأت هذه الحركة ببركة هؤلاء الشهداء الخمسة آلاف ونيّف. من بين هؤلاء الخمسة آلاف ونيّف، لم يكن هناك عدد قليل من النخبة والرياضيين المحترفين والأبطال. ربما أكثر من ألف شخص من هؤلاء كانوا من الرياضيين المحترفين الأبطال وذوي رتب رياضية عالية في التخصصات كافة. الآن، في هذا المعرض الذي كان هنا، رأيت أنهم كتبوا: «في 33 تخصصاً». على أي حال، بقدر ما نعلمه الآن وأنا على دراية به، لقد رحل أشخاص من مختلف التخصصات الرياضية. الآن هؤلاء ذهبوا أنفسهم إلى منصة البطولة في عالم الملكوت - هي أعلى بكثير من منصة البطولة في الدنيا - وحققوا هذا الارتقاء الكبير بأنفسهم، لكنهم جرّوا الآخرين وراءهم أيضاً.
البيئة الرياضية لمجتمعنا متأثرة بروحانية الشهداء الرياضيين
لحسن الحظ إن بيئتنا الرياضية اليوم متأثرة بهذه الروحانية التي أوجدها في المجتمع شهداؤنا الرياضيون الأعزاء. هذه الروحانية موجودة في بيئتنا الرياضية اليوم. بالطبع هناك أنواع الأشخاص كافّة في مختلف البيئات. كما في البيئة الحوزوية يوجد أنواع الأشخاص كافّة، يوجد أيضاً في الأجواء الرياضية، لكن الأجواء الرياضية للبلاد عامة مختلفة كثيراً اليوم عن الماضي، فمظاهر التدين والالتزام والروحانية التي قلتها مراراً وتكراراً في كلماتي لمناسبة ما، والآن ذكر السادة بعضها أيضاً [موجودة بكثرة]: تلك السيدة الشجاعة والمؤمنة التي [تقف] على منصة البطولة ولا تصافح رجلاً أجنبياً [حين] يمد يده نحوها، أو تقف هناك بالعباءة وبالحجاب الإسلامي أمام أعين ملايين البشر الذين تمّت تربيتهم على التحرك والتحدث ضد حجاب المرأة وعفتها، أو ذلك الشاب البطل الذي يُهدي ميدالية البطولة إلى عائلات الشهداء، أو ذلك الرياضي المؤمن الذي بعد نيله الفوز في رياضته - مصارعة أو رفع أثقال أو أي رياضة أخرى – بدلاً من التبختر يهوي إلى الأرض ويسجد لله أو يذكر اسم أئمة الهدى (ع)... هذه أمور مهمة. في بعض الأحيان نتعود شيئاً ما ونغفل عن أهمية العمل وعظمته. هذه الظواهر ظواهر عجيبة في عالم اليوم، عالم المادية والفساد.
روحانية البيئة الرياضية مؤشر على فهم الأعماق الروحانية والأخلاقية للشعب الإيراني
أقول لمن يريدون أن يعرفوا الشعب الإيراني على نحو صحيح أن يلتفتوا إلى هذه الظاهرة. إن شابنا الرياضي الذي يصعد على المنصة أمام أعين الملايين وأحياناً مئات الملايين ويعبّر عن محبته للروحانية ولله وأوليائه على هذا النحو... هذا [الفعل] أمر ذو معنى. انظروا إلى هذه الأمور فإنها ذات معانٍ كبيرة لمعرفة الشعب الإيراني والأعماق الروحانية والروحية والأخلاقية لهذا الشعب. حسناً، هذا مؤشر، وبالطبع هو مهم. الآن، في مسيرة الأربعين هذه، حيث ذهبت الهيئات الرياضية هذا العام، نقلوا إليّ أخباراً سارة عنهم، بما في ذلك التعبير عن محبتهم لأمير المؤمنين (ع) في النجف. حسناً، إنها أمور قيّمة جداً، وهذه البيئة الروحانية مهمة جداً. ففي النهاية واحدة من بركات الجهاد في سبيل الله هي أنّه يضخ الروحانية في طبقات المجتمع المختلفة. هذا يعني أنه عندما تكون، أنت الرياضيَّ أو المدير في مجال الرياضة، ملتزماً مجموعة من الالتزامات الروحانية والدينية، فلستم أنتم المستفيدين الوحيدين فقط، [بل] ثمة أشخاص كثيرون يستفيدون منكم – بالدرجة الأولى في البيئة الرياضية نفسها ثم البيئة العامة للناس – وهذه الأفعال تُدخل الموهوبين إلى ميدان الروحانية وتفتح الطريق لهم. على أي حال الميدانُ الجهادي الذي أمام الشعب الإيراني هو كل يوم على نحو مختلف: في يوم ما، كان بصورة «الدفاع المقدس»، ويوم آخر في صورة الدفاع عن العتبات المقدسة، واليوم صارت ميادين الجهاد مفتوحة أمامنا بصور مختلفة. في رأيي، إن الحضور الجهادي للأفراد البارزين والشخصيات في المجتمع بهذه الصور كافة له آثار كثيرة وقيّمة للغاية. كان هذا [حديثي] بشأن قضية الشهداء والشهادة.
أهمية الرياضة الشعبية للصحة البدنية والنشاط الروحي
في ما يتعلق بالرياضة، إن السبب في أنني أتكلم على الرياضة خاصة هو أهميتها. كلٌّ من الرياضات الشعبية والعامة – إذْ نوصي الجميع بها – وكذلك الرياضات الاحترافية والبطولات أمور مهمة، فهي ليست جزءاً من هوامش الحياة الاجتماعية ونوافلها. إنها ضمن الأجزاء والخطوط الرئيسية للحياة الاجتماعية. دائماً شددت على الرياضة الشعبية، وأكرر مرة أخرى: على الجميع ممارسة الرياضة. في الحياة الآلية والقليلة الحركة اليوم - طبعاً بغض النظر عن كبار السن - الشباب أيضاً ليس لديهم حركة حقاً! يركبون السيارة، ويذهبون من هنا وينزلون هناك، ويركبون في المصعد ويصعدون، فلا يوجد أيّ حركة. في مثل هذه البيئة، لم تعد الرياضة أمراً مستحباً؛ إنها أمر ضروري وواجب على الجميع. بالطبع نوع الرياضة لأشخاص مثلي ولأشخاص مَن في أعمارنا هو على نحو ما، وللشباب ولمن هم في منتصف العمر على نحو آخر، ولكن على الجميع ممارستها. لا ينبغي ترك الرياضة الشعبية. هذا مفيد أيضاً للصحة البدنية - الرياضة تؤدي إلى سلامة البدن، وهذه الأعراض التي تحدث أحياناً للشباب ويندهش المرء من إصابة الشاب بسكتة... كثيرٌ من هذه الأعراض ناتجة من هذا النقص في الحركة - وكذلك للنشاط الذهني والروحي. الرياضة تبعث على النشاط. في أي عمل كنتم تعملون: اليدوي، الفكري، الإداري، العلمي... إذا مارستم الرياضة، فستؤدون ذلك العمل أفضل، أي يزداد نشاطكم الذهني، فتستطيعون إنجاز ذلك العمل على نحو أفضل. بالطبع لديها فوائد أخرى لكن الآن ليس في وسعنا التحدث عنها.
الرياضة الاحترافية والبطولة هما المروج للرياضة الشعبية ومصدر المفخرة الوطنية
أما الرياضة الاحترافية والمسابقات والبطولات الرياضية، فهي مهمة جداً أيضاً. من أسباب الأهمية لرياضة البطولة أنه عندما تُنشأ رياضة بطولية، فإنّها تروج للرياضة الشعبية. هذا أحد الأسباب. عندما يصير البطل الرياضي معروفاً ويظهر أمام أعين الناس، يشجع ذلك الشاب على ممارسة الرياضة. هذه واحدة من فوائد الرياضة الاحترافية والبطولية. بالطبع، ليس هذا فقط، فلها كثير من الفوائد الأخرى أيضاً. واحدة من فوائدها الأخرى أن الرياضة البطولية مصدر للمفخرة الوطنية. في الرياضة البطولية، وعندما تشاركون في منافسة رياضية عالمية وتنتصرون هناك وتبرزون، يشعر هذا الشعب بالسعادة وبالفخر. هذا مهم جداً. حقاً يجدر أن نهنّئ ونشكر هؤلاء الذين يصيرون مصدر سعادة الناس في مختلف الرياضات، سواء الشخصية والفردية أو الجماعية الرائجة في العالم. إنني أشكرهم جميعاً. إنهم يفرِحون الناس ويسعدونهم، ويبعثون على المفخرة.
الفرق بين النجاحات الرياضية في المحافل الدولية وسائر النجاحات
هذا الانتصار في الميادين الرياضية يختلف عن الانتصارات الأخرى. بالطبع لدى شعبنا ولدى أيّ شعب انتصارات في مختلف ميادين الحياة أيضاً. لدينا انتصارات في الميدان الأمني، ولدينا في الميدان العلمي، ولدينا في الميدان السياسي، ولدينا في الميادين البحثية، ولدينا في أنواع الميادين وأشكالها [كافة]، لكن هذه الانتصارات ليست أمام عيون الناس في العالم. نحن نخفي بعضها عن قصد. إذا كان لدى أحد انتصار أمني في بلد، لا يكشفون عن هذه الأمور بل يخفون الانتصار الأمني. بعض الانتصارات لا نخفيها، ولكن العدو ینتقص منها، مثل الانتصارات العلمية. هذه الأعمال العلمية المهمة التي قاموا عليها (شبابنا) كان العناصر المتربون على أيدي أعدائنا ينكرونها في كلامهم وكتاباتهم، بأنه «كلّا، لم يحدث شيء من هذا القبيل». هذا يعني أنها عرضة للانتقاص ويمكنهم الانتقاص منها. فيجري فهمها متأخراً... أو ليست محط انجذاب قوي للناس. الانتصار في الميدان الرياضي ليس على هذا النحو؛ إنه انتصار آنيّ وباطلاع آنيّ. في لحظة انتصاركم نفسها، يرى الملايين من الأشخاص وأحياناً مئات الملايين الانتصار بأعينهم. إذن، هذا انتصار مهم جداً. إنه مهم للغاية وعلى عكس الانتصارات الأخرى غيرُ قابل للكتمان. حسناً في بعض الأحيان يُرتكب ظلم في التحكيم و[تقع] سوء نيّات، وفي هذا الميدان نفسه أحياناً، يفعل الأعداء أموراً لكن غالباً لا يستطيعون... غالباً ما يكون الانتصار انتصاراً واضحاً وجليّاً، وتلاحظون أن تأثيراته كثيرة جداً أيضاً ويجعل أصدقاءكم في العالم سعيدين أيضاً.
التوأمة بين الانتصار التقني في ميدان الرياضة والانتصار القيَمي والأخلاقي
في إحدى مبارياتنا الرياضية، اطّلعنا - لقد قدموا إليّ أخباراً دقيقة – على أن في عدد من البلدان الإسلامية والعربية، التي لا أريد ذكر اسمها، كان الناس يتجمعون أمام التلفاز ويشاهدون هذه المباراة، وبمجرد أن رأوا أن إيران انتصرت، بدؤوا الاحتفال والدبكة في الشارع أمام نواظر العموم بأن إيران انتصرت على سبيل المثال على الدولة الفلانية ذات القوة السياسية والشريرة والخبيثة! الأمر على النحو؛ هذا الانتصار هو أمام أعين الجميع. إذن، هنا يمكن للرياضي الإيراني بسلوكه أن يصحب هذا الانتصار التقني مع الانتصار القيَمي. هذه هي النقطة الأساسية، أيْ عندما تفوزون في مسابقة معينة مثلاً، تكونون قد حققتم فوزاً تقنياً، ولكنكم تستطيعون توأمة هذا الانتصار التقني مع الانتصار القيَمي والأخلاقي، كالرياضة بروحية المروءة، ومثل ما تفعله هذه السيدات الرياضيات لدينا، أي الحفاظ على الحجاب الإسلامي ومراعاة الحدود الإسلامية والثقة بالنفس التي يظهرنها. هذا انتصار كبير جداً، وهو لا يقل أهمية - إن لم يكن أهم – عن ذلك الانتصار التقني.
رفض الاعتراف بالكيان الصهيوني الغاصب وحفظ القيَم فوق نَيل الميداليات
لذلك إنني أؤكد توصيةَ رياضيّينا الأعزاء بألّا ينسوا هذا الجانب من الانتصار في الميادين الرياضية، وأن يحرصوا على ألّا تُداس القيَم من أجل نيل ميدالية. أحياناً يُحرم المرء الميدالية أيضاً، إذْ لا يتنافس رياضيّنا مع الخصم المرسل من الكيان الغاصب ويُحرم الميدالية، لكنه منتصر. إذا تخطّى أحدٌ هذا المبدأ، فهذا يعني أنه من أجل تحقيق الانتصار التقني والظاهري قد سحق برجله ذلك الانتصار الأخلاقي. إذا تنافستم معه وواجهتموه، فقد اعترفتم بالفعل بذلك الكيان الغاصب والقاتل للأطفال والجلاد. لذلك، مهما كانت منافع ذلك أيضاً، فلا يستحق أن [ينافسه] المرء. إن قادة الاستكبار وأتباعه، وفي الحقيقة خدام القوى العظمى في العالم، يرفعون أصواتهم هنا فوراً بالقول: «لا تسيّسوا الرياضة». بسم الله! رأيتم ما فعلوه أنفسهم بالرياضة بعد الحرب[3] في أوكرانيا! لقد حظروا رياضة بعض الدول من أجل قضية سياسية،[4] أي هم يتخطون خطوطهم الحمر بسهولة عندما تقتضي مصالحهم ذلك ثم يُشْكلون عندما لا يتنافس رياضيّنا مع الخصم الصهيوني.
الحفاظ على كرامة الذات والشعب وماء الوجه في السلوك خارج ميدان المنافسة
حسناً، أود أن أقول نقطة أخرى أيضاً وأنهي حديثي. يجب أن يلتفت أبطالنا ورياضيونا الأعزاء الذين يشاركون في الميادين، المحلية أو الدولية، أن المسألة ليست داخل الميدان فقط حيث يكونون تحت الأنظار والكاميرا [بل] خارجه أيضاً، فالرأي العام والعيون المختلفة، وأحياناً القلوب المغرضة، تراقبهم لتتمكن من أن تجد فيهم نقطة ضعف أخلاقي، ونقطة ضعف عملي، فتقضي على الانتصار الذي حققوه في الميدان. ينتصر في الميدان ويصاب بآفة خارجه. [لذلك] يجب أن يكونوا حذرين بشأن سلوكهم خارج ميدان المنافسة أيضاً، وأن يعلموا أن عليهم صون كرامتهم وشرفهم وسمعتهم. كلّ من سمعتهم وسمعة شعبهم وبلدهم. يجري نثر الكثير من الفِخاخ والبذور أمام أبطالنا.
تعلّم الرياضات الغربية مع تجنب التأثر بالثقافة الغربية
بالطبع، كانت البيئة الرياضية في ماضينا، في تلك الأزمنة القديمة، قبل أن تدخل هذه الرياضات الغربية إلى البلاد، بيئة دينية دوماً. إن الرياضات التراثية وهذه «الزورخانات»[5] الرياضية وهذه النوادي التراثية القديمة التي رأيناها كلَّها مزينةٌ باسم الله واسم الأئمة والأبعاد الدينية والأخلاقية. سعى الغربيون إلى إدخال ثقافتهم أيضاً عبر هذه الرياضات الجديدة والمتطورة التي جلبوها إلى البلاد. حسناً، فما واجبنا؟ واجبنا أنّ نتعلّم تلك الرياضة التي ابتكرها الجانب الآخر - مثل كرة القدم والكرة الطائرة والرياضات الأخرى، أي الجماعية - ونتقدم فيها ونصير محترفين، لكن لا نتقبل ثقافته، ولا نجعلها تصير جسراً للثقافة الغربية [بل] نغلّب ثقافتنا عليها. هذه الجملة الأساسية التي يجب أن نأخذها بالاعتبار بخصوص الرياضة.
على أي حال أنا أدعو لكم جميعاً. قال هذا الشاب العزيز: ادعوا لنا. نعم، سأدعو لكم حتماً وأسأل لكم من الله المتعالي توفيقكم وسعادتكم وحسن العاقبة. أتقدم بخالص الشكر إلى أولئك الذين بذلوا الجهود في هذه المجالات – السيدات الرياضيات، والشباب الرياضيين - وأظهروا الروحانية والهوية الإيرانية والإسلامية في الميادين الرياضية، وأسأل الله التوفيق لهم جميعاً. إن شاء الله، تكون الأرواح المطهرة للشهداء الرياضيين وكل الشهداء راضية عنا، وأن يلحقنا الله بهم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
[1]. في بداية اللقاء، قدّم تقارير كل من السيد حميد سجادي (وزير الرياضة والشباب) ومهدي ميرجليلي (رئيس منظمة التعبئة الرياضية) وعليّ داوودي (بطل رفع الأثقال).
[2]. فيلم «المستطيل الأحمر» من إخراج الأخوين حسن وحسين صيدخاني، وإنتاج السيد علي-رضا سجاد بور، وهو مأخوذ عن قصة حقيقية لشجاعة أهالي منطقة تشوار (چوار) في إيلام خلال مرحلة «الدفاع المقدس»، وفاجعة تعرّض ملعب كرة القدم للقصف من الطائرات الحربية البعثية.
[3]. الصراع العسكري القائم بين روسيا وأوكرانيا منذ 14/2/2022.
[4]. أدى نفوذ الغربيين في المحافل الدولية وقوتهم إلى حرمان الرياضيين الروس والبيلاروسيين الذين تعاونوا مع روسيا ضد أوكرانيا المسابقات الرياضية الدولية كافة.
[5] صالات المصارعة الإيرانية التراثية الممزوجة مع التواشيح والقيَم الإسلامية.
