ثلاثون يوماً وثلاثون قولاً

{وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ}

{وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ} (النحل، 128)؛ بمعنى أن الاستقامة ستكون لا متناهية حينما تكون متصلة بمصدر الذِّكْر الإلهي اللامتناهي. إذا ربطنا الصبر بذلك المقرّ للذِّكر الإلهي، فلن تكون لهذا الصبر نهاية، وإذا لم يَنْفد الصبر، فإنّ سير الإنسان نحو كل القمم لن يتوقف أبداً، لأنّ التوقف في حركتنا ناجم عن غياب الصبر.   

أما الصلة بين الصبر والصلاة... طبعاً لنأخذ الصلاة بالمفهوم العام للصلاة، أي التوجه والذِّكْر والخشوع، وإلا ليس المراد شكل الصلاة وهي خالية من الذِّكْر. لذلك، يقول بعد تلك الآية الشريفة التي تتحدث عن الصلاة: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} (العنكبوت، 45)... {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}. هذه من ميزات الصلاة، لكن الأكبر من النهي عن الفحشاء والمنكر هو ذكر الله نفسه الموجود في الصلاة.

هذه الصلاة تعني ذلك الذكر والتوجه والخشوع والاتصال القلبي بالله، ولها تأثيرها في تقوية الصبر. الآن وقد اتضحت أهمية الصبر وفق الآية والروايات والمفاهيم الإسلامية ستتضح أهمية الصلاة وأهمية ذكر الله وإلى أي مدى يمكنه أن يعزز ويوسّع ويكرّس عامل الاستقرار والثبات، أي الصبر، في قلوبنا وأرواحنا وحياتنا وآفاق أفكارنا. لذا لاحظوا في «القرآن»: {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ} (النحل، 128). طبعاً وردت كلمة {وَاصْبِرْ} في «القرآن» كثيراً، ولو أراد الإنسان قراءة الآيات، لوجد أن كل واحدة منها بحرٌ من المعرفة. لكن الآية الشريفة {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ}، أيْ تستطيع بعون الله أن تصبر، بمعنى أن الاستقامة ستكون لا متناهية حينما تكون متصلة بمقرّ الذكر الإلهي اللامتناهي. إذا ربطنا الصبر - بمعنى الصمود والثبات والاستقامة ورفض التراجع - بذلك المنبع الأزلي للذكر الإلهي، فلن تكون لهذا الصبر نهاية، وإذا لم ينفد الصبر، فمعنى ذلك أن سير الإنسان نحو كل القمم لن يتوقف أبداً. هذه القمم التي نتحدث عنها هي قمم الدنيا والآخرة، أيْ كليهما... قمة العلم، وقمة الثروة، وقمة الاقتدار السياسي، وقمة المعنوية، وقمة تهذيب الأخلاق، وقمة العروج نحو عرش الإنسانية السامي. عندئذ لن يتوقف أيّ منها، لأن التوقف في حركتنا ناجم عن غياب الصبر.

~الإمام الخامنئي 9/9/2008

الرجاء كتابة تعليقاتكم