تحويل المساحات الخضراء إلى حديد وباطون بلاء للكرة الأرضيّة

مئات مئات وآلاف آلاف الأشجار تُقطع بلا سبب في أماكن يجب أن لا يتمّ قطعها فيها. وقد تحوّلت المساحات الخضراء إلى باطون و حديد وأمثال هذه الأمور - وهذه مصيبة بالنسبة للمدن - وقد  وقعت الغابات في البلاد في خطر تهديد حقيقي ولا تزال مهدّدة؛ وهذا ما يجب منعه بشكل جدّي.

أولاً لا بدّ من الإشارة إلى رؤية الإسلام في خصوص الأرض و الكرة الأرضية و هذه المنظومة التي تمثل مهد حياة الإنسان و محل ولادته و نشأته و من ثم عودته؛ رؤية الإسلام حول الأرض و ما في الأرض. يقول القرآن الكريم في موضع من المواضع: «وَ الاَرضَ وَضَعَها لِلاَنام». بمعنى أن الله خلق الكرة الأرضية للإنسان، و هي ملك الجميع، و ليست ملكاً لبعض البشر، و ليس للبعض فيها حق أكثر من الآخرين، و لا هي لجيل دون جيل غيره. إنها اليوم لكم، و هي غداً لأبنائكم و لأحفادكم و لنسلكم إلى النهاية. هكذا هو الحال في كل مكان من سطح الكرة الأرضية. خلقت الأرض للبشر و هي ملكهم. يقول تعالى في آية أخرى: «خَلَقَ لَكم ما فِي الاَرضِ جَميعًا». خلق كلّ ما في الأرض لكم أيها البشر، و عليه لأن كل ما فيها هو لكم و لصالحكم فيجب أن لا تخرّبوه. و كل شيء في الأرض له قيمته. ثمة أشياء قد تبدو بالنسبة للإنسان السطحي ذات قيمة، و قد تبدو بعض الأشياء في نظره عديمة القيمة، لكنها كلها ذات قيمة. و قد كان في بلادنا ذات يوم أناس يقولون ما فائدة هذه المادة المتعفنة، و يقصدون بها النفط. و ثمة أشخاص قد يستلذون بالخضار في مناطق البلاد الشمالية بينما لا يرتاحون للصحاري. كل هذه الأشياء شبيهة ببعضها، و كلها نعم الله و مواهبه و كلها ملك للإنسان و ليس من حق الإنسان تخريبها. ليس من حقه تخريب البساتين و لا الحدائق و لا الغابات و لا المراتع و السهوب و لا الصحاري. كل هذه الأنواع من الطبيعة تعود للإنسان و هي ملكه، و ينبغي أن ينتفع منها. 
و يقول تعالى في آية أخرى: «وَ استَعمَرَكم فيها». الله تعالى خالق هذه الأرض و خالقكم أمركم بإعمار هذه الأرض، بمعنى تفعيل الإمكانيات الكامنة في هذه الكرة الأرضية. ثمة الكثير من الإمكانيات لا تزال مجهولة، ثم يتعرف عليها الإنسان لاحقاً، ثم يدرك أهميتها و قيمتها. هذه المهمة تقع على عواتقكم، و يجب عليكم أنتم أن تنهضوا بها. و اليوم حيث نتصور أننا نستثمر كل إمكانيات الأرض، لكن واقع الأمر ليس بهذا، فقد يمكن الاستفادة من الماء و التربة و الهواء و المواد الجوفية و المواد التي على الأرض أكثر مما تستثمر الآن بملايين المرات، و بطرائق لا علم لنا بها في الوقت الحاضر. على البشر أن يجدوا دوماً إمكانيات و خيارات جديدة و ينتفعوا منها لصالح الحياة البشرية. 
ثمة آية أخرى حول ألدّ الخصام، و هم أخبث الأعداء و أكثرهم لجاجة و تعنتاً، حيث يذكر الله تعالى لهم بعض الصفات. من هذه الصفات: «اِذا تَوَلّى‌ سَعى‌ فِي الاَرضِ لِيفسِدَ فيها وَ يهلِك الحَرثَ و النَّسل». إنهم يهلكون الحرث و النسل و يفسدونهما. يدمرون الزراعة و الخيرات و النباتات و الأجيال البشرية.
لو نظرتم اليوم في سياسات العلم لوجدتم أناساً يقومون بهذا الشيء بالفعل مع كل الشعوب أو مع الكثير من الشعوب؛ إهلاك الحرث و النسل. هذا شيء يعتبره الله فساداً، ثم يقول: «وَ اللهُ لا يحِبُّ الفَساد». كانت هذه عدة آيات قرآنية قرأتها، و هناك العشرات من الروايات و الأحاديث في نصوصنا الدينية في الإسلام ذات مضامين راقية حول الأرض و البيئة. هذه الآيات التي قاموا هنا بتلاوتها من جملة الآيات التي تشير للمنتجات على الأرض و كلها للبشرية و لكم. قضية البيئة قضية على جانب كبير من الأهمية. خلاصة أهمية هذه القضية عبارة عن مسؤولية الإنسان حيال الطبيعة، حيث يجب عليه أن يشعر بالمسؤولية تجاه الطبيعة و البيئة. كما نشعر بالمسؤولية حيال البشر و الناس، ينبغي كذلك أن نشعر بالمسؤولية تجاه الطبيعة. لقد أراد الإسلام و الأديان الإلهية أن تحافظ على التوازن بين الإنسان و الطبيعة. هذا هو الهدف الأساس و الرئيسي. عدم الحفاظ على هذا التوازن ناجم عن عوامل أهمها أنانيات الإنسان و تعطشه للتسلط و الهيمنة و التعسف و الغطرسة التي لدينا نحن البشر. عندما يحدث هذا - أي عندما لا يجري الحفاظ على هذا التوازن - تحصل أزمة البيئة، و عندها سوف تطال تبعات و أضرار أزمة البيئة كل البشر و جميع الأجيال. 

~الإمام الخامنئي ٢٠١٥/٣/٦

 

ستکون زراعة الأشجار إن شاء الله، سواء فی هذا الیوم و هذه الأیام المعروفة بأیام زراعة الأشجار أو فی باقی الأیام التی یمکن زراعة الأشجار فیها، سبب برکة و عمران للبلاد. و حقیقة القضیة هی أن النباتات و الأشجار بالنسبة لکل بلد و لکل جماعة بشریة سبب برکة، لذلک أوصی شرعنا الإسلامی المقدس و أحادیثنا بالأشجار و المحافظة علیها و الحیلولة دون قطعها. هذه توصیة إسلامیة. و الناس جمیعهم فی الوقت الحاضر مهتمّون بهذه القضیة، و ربما أمکن القول إن الناس و المجتمعات البشریة کانت مهتمّة بقضیة الأشجار دوماً. 
و لکن یجب أن أوجّه عتاباً لمجموعة المسؤولین عن قضیة الأشجار و غرس الأشجار و الغابات و ما شاکل، و هو أننا هنا نغرس الأشجار واحدة واحدة، لکن الأشجار تقطع بالمئات و الآلآف فی الأماکن التی یجب أن لا تقطع. هذا إشکال کبیر قائم. هذا بالإضافة إلی إحالة المعمورات و المساحات الخضراء فی أطراف المدن الکبری خطأ و غصباً لأشخاص أرادوا إساءة استغلال الأرض و لا زالوا یستغلونها، و تبدّلت المساحات الخضراء إلی إسمنت و حدید و ما إلی ذلک - و هذه مصیبة للمدن - و تعرّضت و تتعرّض مجموعة الغابات فی البلاد لتهدیدات و أخطار جادة، فیجب الحیلولة دون ذلک بکل جدّ.

~الإمام الخامنئي ٢٠١٣/٣/٥

الرجاء كتابة تعليقاتكم